استيقظ طارق يوم عيد الشجرة متأخراً على غير عادته وكان يبدو عليه الحزن ولما سأل أمه عن أخوته وقالت له انهم ذهبوا ليغرسوا اشجاراً قال بغيظ
ومتى ذهبوا ياأمي؟أجابت منذ الصباح الباكر ألم يوصوكم في المدرسة أنه يجب أن يغرس كل منكم شجرة ؟ ألم ينبهوكم إلى أهمية الشجرة؟
قال نعم لقد أوصتنا المعلمة بذلك
وشرحت لنا عن غرس الشجرة في عيد الشجرة أما أنا فلا أريد أن أفعل
قالت الأم بهدوء وحنان
ولماذا ياصغيري الحبيب كنت أتوقع أن تستيقظ قبلهم وتذهب معهم لم يبق أحد من أولاد الجيران إلا وقد حمل غرسته وذهب
ليتك نظرت إلى تلاميذ المدراس وهم يمرون من أمام البيت في الباصات مع أشجارهم وهو يغنون ويضحكون في طريقهم إلى الجبل لغرسهاإنه عيد يابني فلاتحرم نفسك منه
قال طارق وقد بدأ يشعر بالغيرة والندم
لكن الطقس باردجداً ياأمي ستتجمد أصابعي لو حفرت التراب وأقدامي ستصقع
أجابت ومعطفك السميك ذو القبعة هل نسيته؟وقفازاتك الصوفية ألا تحمي أصابعك أما قدماك فما أظن أنهما ستصقعان وأنت تحتذي حذاءك الجلدي المبطن بالفرو صمت طارق حائراً وأخذ يجول في أنحاء البيت حتى وقعت عينه على التحفة الزجاجية الجميلةالتي تحفظ صور العائلة وهي على شكل شجرة ووقف يتأملها
قالت الأم هل ترى إلى شجرة العائلة هذه إن الأشجار كذلك هي عائلات أم وأب وأولادوهي تسعد مثلنا إن اجتمعت مع بعضها بعضاً وتكاثرت فأعطت أشجاراً صغيرةإن الشجرة هي الحياة يابني ولولاها ماعرفنا الفواكه والثمارولا الظلال ومناظر الجمال إضافة إلى أننا ننتفع بأخشابها وبما تسببه لنا من أمطار ثم هل نسيت أن الأشجار تنقي الهواء وتساعدنا على أن نعيش بصحة جيدة صمت طارق مفكراً وقال حسناأنا أريد إذن أن أغرس شجرة فهل شجرتي ستصبح أماً أجابت الأم بفرح طبعاً طبعاًيابني كلما كبرت ستكبر شجرتك معك وعندما تصبح أنت أباً تصبح هي أماً لأشجار صغيرة أخرى هي عائلتها وستكون فخوراً جداً بأنك زرعتهاأسرع طارق إلى خزانة ثيابه ليخرج معطفه وقفازاته سأل أمه بلهفة هل أستطيع أن ألحق. أخوتي والجميع ضحكت الأم وقالت
كنت أعرف أنك ستطلب مني ذلك شجرتك في الحوض أمام الباب في كيس صغير شفاف وإنا
كما تراني قد ارتديت ثيابي هيا بنا انطلق طارق مع أمه فرحاً يقفز بخطوات واسعة واتجها نحو الجبل وهما يغنيان للشجرة جرة الحياة أنشودة الحياة