شهدت جلسة خطاب الرئيس أمام مجلس الشعب والشورى، اليوم، حضورا مكثفا من
النواب الذين وقفوا لأول مرة فى طابور أمام البوابة "للمرور من خلال
البوابات الإلكترونية الجديدة التى تم إضافتها مع تجديدات المجلس، حتى أن
أحمد عز وقف فى الطابور.
ولم يجد عشرات النواب مكاناً لهم فى القاعة التى امتلأت عن آخرها قبل حضور
الرئيس فجلسوا فى البهو الفرعونى، حيث تابعوا اللحظات عبر شاشات عرض، وتم
تردد الأغانى الوطنية قبل حضور الرئيس مثل "عظيمة يا مصر والمصريين أهم".
كان الدكتور السيد البدوى رئيس حزب الوفد، قد حضر للمجلس قبل حضور الرئيس
بساعة، وجلس البابا شنودة بين فضيلة شيخ الأزهر ومفتى الجمهورية، وتمكنت 45
سيدة من نائبات الكوتة من أخذ مواقعهما فى القاعة بينما جلست الباقيات فى
البهو الفرعونى لمتابعة الجلسة.
وصفق النواب للرئيس 24 مرة خلال الخطاب، وحضر من الوزراء السابقين على لطفى
وعاطف عبيد، وحدد خطاب الرئيس معالم الأجندة التشريعية للدورة البرلمانية
محاوراً وزارة الخارجية والداخلية.
حيث علق الرئيس على حالة عدد من مشروعات القوانين العامة للبرلمان الجديد،
فأشار إلى أن معظمها تم الانتهاء منه ويتم إحالته خلال الدورة البرلمانية
الحالية قبل قانون التأمين الصحى، ودعا إلى الانتهاء من عدد من مشروعات
القوانين خلال الدورة الحالية من أجل تعزيز مناخ الاستثمار وتقديم المزيد
من التسهيلات للمستثمرين، وأعلن أنه سيحيل لمجلس الشعب مشروع قانون تنظيم
استغلال أراضى الدولة بما يقطع الطريق على الفاسدين.
كما سيتم إحالة مشروع قانون لتحقيق الاستفادة القصوى من الأصول المملوكة
للدولة، وخلال حديث الرئيس وقف نائب الشورى معوض خطاب قائلاً "الفقراء يا
ريس" رد عليه الرئيس قائلاً "كلنا فقراء"، وقال الرئيس، إن قانون التأمين
الصحى سيكون على رأس أولوية الأجندة التشريعية، وقال، "إياكم تصدقوا إن فيه
مستشفيات حكومية سيتم تحويلها لمستشفيات استثمارية، وإن مشروع قانون
الإدارة المحلية سيتم إحالته للبرلمان من أجل تعزيز آليات المساءلة
المحلية"، وصفق النواب بشدة عندما أعلن الرئيس عن الانتهاء من الدراسات
الفنية لإنشاء أربع محطات نووية، وذكر أنه سيتم طرح مناقصة بناء أول محطة
فى الضبعة خلال الأسابيع القادمة.
وقال الرئيس كلمة تحرك مواز ثم عقب قائلاً "مش برلمان موازى إحنا معندناش
برلمان موازى وخليهم يسألوا".
وأكد الرئيس أننا لن نفرط أبداً فى سيادتنا ولا استقلال إرادتنا ولا نقبل
شروط ولا إملاءات من أحد، وعندما طلب النائب رجب هلال حميدة من الرئيس أن
يكرر هذه الفقرة رد الرئيس مداعباً هو أنا عبد الحليم حافظ ولا إيه.
وفيما يلى كلمة الرئيس حسنى مبارك أمام الجلسة المشتركة لمجلسى الشعب
والشورى بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة
- الإخوة والأخوات أعضاء مجلسى الشعب والشورى..
- السيدات والسادة..
"يسعدنى أن ألتقى بكم فى مستهل دورة برلمانية جديدة.. وفصل تشريعى جديد..
وأن أتوجه بالحديث من خلالكم لشعب مصر من منبر البرلمان.. "ذلك هو البرلمان
الرابع والعشرون.. منذ افتتاح هذا المبنى الشامخ عام 1924.
نبدأ به الفصل التشريعى العاشر.. وتتعلق به آمال كبار.. فى مرحلة هامة من
عملنا الوطنى والبرلمانى.
"إننى أتوجه بتهنئتى للمجلس الجديد بانعقاده الأول.. أهنىء أعضاءه.. وأتوجه
بتهنئة خاصة لنائباته على مقعد المرأة.. وللمرأة المصرية على امتداد أرض
الوطن.
كما أعبر عن تطلعى للعمل مع نواب الشعب.. أغلبية ومعارضة ومستقلين.. "إن
مصر تسمو فوق الأشخاص والأحزاب.. والعمل الحزبى والبرلمانى والسياسى ما هو
إلا روافد متعددة لخدمة الشعب والوطن وتعزيز الديمقراطية.. والديمقراطية -
بدورها - ثقافة.. تتدعم ممارساتها عاما بعد عام.
"إننى أؤكد اليوم ما قلته الأسبوع الماضى.. فالانتخابات الأخيرة لمجلس
الشعب بما كشفت عنه من إيجابيات وسلبيات هى خطوة مهمة على الطريق.. وكل
انتخابات نجريها إنما تضيف لتجربتنا الديمقراطية.. وتطرح دروسا للتمعن فيها
والاستفادة منها.
"دروس تؤكد فى مجملها.. أن الشعب هو الفيصل والحكم.. وأن التواصل مع همومه
وتطلعاته.. هو الطريق لثقته وتأييده.. دروس تبرهن على وعى المصريين.. وتثبت
أن الطريق لأصواتهم هو العمل المخلص والجاد.. لكل من يجتهد من أجلهم..
وأقول لكم اليوم.. لقد انتخبكم الشعب لتحملوا مشكلاته وآماله لهذا المبنى
العريق.. ولتعبروا عنها تحت قبة البرلمان.. وأقول إننا جميعا.. رئيسا
ونوابا وحكومة.. نتحمل مسئولية مشتركة.. من أجل أبناء الشعب.. وفى خدمة
مصالحهم ومصالح الوطن.. فهذا هو الهدف كان دائما.. وسوف يظل على الدوام.
- الإخوة والأخوات..
"إننا نبدأ بهذه الدورة البرلمانية مرحلة جديدة للعمل الوطنى مرحلة هامة
نبنى خلالها على ما حققناه فى السنوات الماضية.. ونسعى فيها إلى انطلاقة
جديدة نحو المستقبل.. انطلاقة تنتقل بمصر إلى آفاق أرحب.. من النمو والتقدم
الاقتصادى.. والعدالة الاجتماعية.. والمشاركة الشعبية.
"لقد تبدلت حياة المواطنين اليوم فى جوانب كثيرة منها إلى الأفضل بفضل
برنامج إصلاح طموح وشامل حظى بأولوية رئيسية على مدار السنوات الماضية.. لم
يأت هذا البرنامج من فراغ وإنما حكمته رؤية إستراتيجية تمسكت بها وأتمسك
بترسيخها فى المستقبل.
"رؤية ترتكز على إرساء دعائم الدولة المدنية الحديثة وتعميق الوسطية
والاعتدال.. رؤية تنطلق من إعادة صياغة دور الدولة كمنظم ومحفز للنشاط
الاقتصادى، وقيامها بدور محورى فى توفير أكبر قدر من الرعاية للفئات الأكثر
احتياجا، "رؤية.. تواصل توسيع قاعدة المشاركة الشعبية.. ولا تتهاون فى
حماية أمن مصر القومى وسيادتها ومصالحها العليا.. إن علينا خلال المرحلة
القادمة أن نستكمل تنفيذ أجندة الإصلاح على كافة محاورها.. وأن نتمسك
بالركائز التى تأسست عليها.. وأن نواصل تطوير سياساتها وبرامجها.
"إننا نخطو.. نحن والعالم.. فى العقد الثانى من القرن الحادى والعشرين..
وأمامنا تحديات كبيرة وآمال كبار، وكما أن الإصلاح عملية مستمرة.. فإن
الحاجة تظل قائمة - بل وتشتد - لتطوير تشريعى متواصل..نواكب به حركة
مجتمعنا والعالم من حولنا.
"إن هذا التطوير مسئولية نواب الشعب.. أغلبية ومعارضة ومستقلين.. وأنتم
جميعا شركاء فى تحمل هذه المسئولية والنهوض بأمانتها وأعبائها.
"إننى أتطلع لتفاعل بناء من جانبكم مع قضايا الوطن والمواطنين ولحوار مسئول
ومناقشات جادة، أتطلع لأداء برلمانى رفيع يتوخى مصالح الشعب، يعبر عن
الرأى والرأى الآخر، يطرح الحلول الخلاقة لما يواجهه المواطنون من مشكلات
ويعى الأهمية البالغة للمرحلة الحاسمة المقبلة.
"أعلم أن هناك رؤى متعددة للأحزاب والمستقلين بل ولحزب الأغلبية ذاته حول
دور الدولة.. وأولويات العمل الداخلى.. وقضايا السياسة الخارجية والأمن
القومى، "إننى أرحب بذلك.. وأدعو للتفاعل معه تحت قبة البرلمان بما يثرى
عملنا البرلمانى وحياتنا السياسية.. ويدفع بهما إلى الأمام، إننى إذ أتطلع
لذلك.. بل وأشجعه وأدعو إليه.. أثق كل الثقة فى قدرة نواب الشعب على الوفاء
بمسئوليتهم بروح المسئولية المشتركة.. والسعى للهدف الواحد.. من أجل شعب
يتطلع إليهم.. ووطن يستحق منا جميعا.. كل جهد مخلص ورأى مستنير.
- الإخوة والأخوات..
"إن ما حققناه حتى الآن وما نتطلع لتحقيقه فى المرحلة المقبلة هو ما يحدد
رؤيتنا لأولويات الأجندة التشريعية فى هذه الدورة البرلمانية الجديدة..
وهذا الفصل التشريعى الجديد.
لقد حققنا الكثير فى توسيع وتطوير البنية التشريعية والأساسية خلال المراحل
الماضية بما عزز قدرتنا على جذب الاستثمار وإتاحة فرص العمل.. والنهوض
بمستوى معيشة عدد كبير من المواطنين.
كما أعطت سياسات الإصلاح الاقتصادى قوة جديدة لاقتصادنا.. دفعت به لإنطلاقة
قوية.. بمعدلات نمو مرتفعة.. وتمكنا من تجاوز أزمتين عالميتين متعاقبتين..
بمواردنا الذاتية.. دون أن يتزعزع اقتصادنا.
لاتزال معاناة اقتصادات كبرى مستمرة من تداعيات ركود الاقتصاد العالمى..
ولا تزال معظم دول منطقة (اليورو) وشعوبها.. فى مواجهة قرارات صعبة..
وإجراءات قاسية وصارمة للتقشف المالى.. ولخفض عجز الميزانية والدين العام،
ولجأت دول عديدة إلى خفض الإنفاق العام.. وتسريح أعداد كبيرة من الموظفين..
وخفض الأجور والمعاشات وإعانات البطالة.
لقد صمد اقتصادنا أمام هذه التداعيات.. لم نمد يدنا لأحد.. واصلنا رفع
الأجور والمعاشات.. وزادت مخصصات الدعم.. وبنود الإنفاق الاجتماعى فى
الموازنة العامة للدولة.. نمضى فى إضافة المزيد من الأسر لمعاش الضمان
الاجتماعى.. ولا يزال الدين الداخلى تحت السيطرة فى حدود آمنة.. وعند نفس
مستوياته قبل الأزمة العالمية الأخيرة.
إن ذلك يبعث فينا المزيد من الثقة فى اقتصادنا وسياستنا والمزيد من
الاقتناع بأننا قد اخترنا الطريق الصحيح.. طريق ينفتح باقتصادنا على
العالم.. ليستفيد من فرصه ومكاسبه.. ويقرن الإصلاح الاقتصادى بإصلاح
اجتماعى يسعى للعدالة الاجتماعية بين أبناء الوطن ومحافظاته.. وينحاز
للبسطاء والأكثر احتياجا.
"إن هذا الطريق هو طريقنا خلال المرحلة المقبلة.. تظل أولويتنا القصوى
محاصرة البطالة.. وإتاحة المزيد من فرص العمل.. نعلم أن رفع معدلات النمو
والتشغيل.. يقتضى اجتذاب المزيد من الاستثمارات المصرية والعربية
والأجنبية.. استثمارات للقطاع الخاص الوطنى والخارجى تعززها استثمارات
للدولة.. واستثمارات مشتركة للدولة والقطاع الخاص.. فى مجالات البنية
الأساسية تفعيلا للقانون الذى اعتمدته الدورة البرلمانية الماضية.
إننا نعمل من أجل انطلاقة جديدة لاقتصادنا.. تقيم مناطق صناعية وتجارية
جديدة.. وأخرى للتصنيع الزراعى.. ترفع إنتاجيتنا وصادراتنا وقدرتنا على
المنافسة.. ترتفع بمتوسط معدلات النمو إلى (8%) خلال السنوات الخمس
المقبلة.. انطلاقة جديدة.. تنعكس بشكل ملموس على مستوى معيشة المواطنين
وتصل ثمارها لمن لم تصل إليهم بعد من الفقراء والمهمشين.
"إن هذه الانطلاقة ليست من قبيل الأمل والتملى وإنما تتأسس على رؤية
واضحة.. وسياسات أثبتت نجاحها.. أوجز دعائمها فيما يلى :أولا: استكمال
تحويل دور الحكومة إلى منظم ومراقب للأسواق ومحفز للنشاط الاقتصادى.. يشجع
المستثمرين ويذلل ما يواجهونه من عقبات.. وتحقيقا لذلك.. فإننى أدعو
البرلمان خلال الدورة الحالية للانتهاء من تطوير عدد من القوانين لتنظيم
التجارة الداخلية والمعاملات التجارية.. بما يعزز مناخ الاستثمار.. ويطرح
المزيد من التسهيلات للمستثمر الصغير قبل الكبير.
ثانيا : لابد أن تواكب ذلك جهود متواصلة لنشر وتعزيز ثقافة العمل بوجه
عام.. والعمل الحر بوجه خاص.. وتشجيع روح المبادرة الفردية.. والمشروعات
الصغيرة والمتناهية الصغر بين الشباب بعيدا عن ثقافة العمل الحكومى السائدة
منذ عقود.
"وفى هذا السياقن فإننى أتطلع لمناقشة نواب الشعب لقضية تطوير التعليم..
والتعليم الفنى على وجه الخصوص بما فى ذلك مخصصاته ومصادر تمويله لدى
مناقشة مشروع الموازنة.
"كما أتطلع لمناقشتهم لمشروع القانون الخاص بالوظائف المدنية.. فى صلته
بجهودنا لتعزيز الاستفادة من ثرواتنا البشرية.. وضبط العمل الحكومى..
ومحاربة الانحراف والفساد.. وتحقيق تكافؤ الفرص والمساواة فى حقوق المواطنة
عملا وممارسة وتطبيقا.
ثالثا: وضع إطار محكم لتنظيم استغلال أراضى الدولة يوفر لها الحماية من
التعديات.. يقطع الطريق على الفساد ويوفر للمستثمرين واحدا من أهم عناصر
الاستثمار.
وسوف أحيل إليكم مشروع قانون يحقق ذلك.. وأدعو البرلمان لإيلاء مشروع هذا
القانون ما يستحقه من اهتمام بالغ ولأن يتم اعتماده خلال هذه الدورة.
رابعا: ضمان تحقيق أقصى استفادة من الأصول المملوكة للدولة على نحو يرتقى
بإرادتها لتصبح معه هذه الأصول مكملة للنشاط الاقتصادى للقطاع الخاص تفيده
وتستفيد منه.. وتشارك معه فى رفع معدلات النمو وإتاحة فرص العمل.. وسأحيل
مشروع قانون لتحقيق ذلك إلى نواب الشعب، آمل مناقشته واعتماده خلال
الدورة الحالية.
"إن تحقيق هذه الرؤية.. فى جانبها التشريعى والتنفيذى يؤدى لمعدل للنمو
بنحو (6%) العام المقبل.. ولإتاحة نحو 700 ألف فرصة عمل جديدة لشبابنا،
وفضلا عن ذلك فإنه يتيح للدولة موارد جديدة تمكنها من التوسع فى الإنفاق
الاجتماعى.. وتوفير المزيد من الحماية الاجتماعية للمواطن المصرى والأسرة
المصرية.
إن هذا هو التزام ثابت تعهدت به وأحافظ عليه.. وتكليف أعاود تأكيده
للحكومة.. ومسئولية لنواب الشعب.. تجاه من جاءوا بهم إلى البرلمان.. "سيظل
البعد الاجتماعى للنمو والتنمية فى قلب تحركنا خلال المرحلة المقبلة.
فدور الدولة كمنظم ومراقب للنشاط الاقتصادى وتشجيعها للقطاع الخاص يقابله
دور أساسى وثابت فى حماية الأقل حظا فى مجتمعنا والوقوف إلى جانب الفقراء
والأولى بالرعاية.
"إن هذا البعد الاجتماعى هو مسئولية والتزام أتمسك بأولويته.. وأواصل العمل
من أجله.. معكم كنواب للشعب.. ومع الحكومة.. نسعى لتوسيع قاعدة العدالة
الاجتماعية.. نجتهد كى نخرج بالفقراء من دائرة الفقر.. ونولى الرعاية
الواجبة للمناطق والقرى والأسر الأكثر احتياجا.. نبذل جهودنا للارتقاء
بالخدمات وللاستثمار فى البشر بتطوير التعليم والرعاية الصحية.. يظل هدفنا
هو المواطن المصرى.. فى رزقه ودخله.. فى حقوقه وكرامته.. ونجتهد لنخفف عنه
أعباء المعيشة.. ولندعم ثقته فى مستقبله.. ومستقبل أسرته.
"وفى هذا السياق.. فإن مشروع قانون التأمين الصحى يأتى على رأس أولويات
الأجندة التشريعية للدورة الحالية.. مشروع قانون يستهدف توسيع مظلة التأمين
الصحى.. لتغطى ملايين الأسر المصرية غير المشمولة بالتأمين حتى الآن..
وتطوير ما يقدم للمواطنين من خدمات الرعاية الصحية.. يتحمل القادرون
تكاليفه بحسب دخولهم.. وتتحمل الدولة الأعباء عن غير القادرين.
"لقد كان مشروع هذا القانون محلا لنقاش مستفيض خلال المرحلة الماضية..
شاركت فيه الأحزاب والنقابات وكافة فئات المجتمع.. وإننى أتطلع لمناقشته
خلال هذه الدورة بما فى ذلك مصادر التمويل المطلوبة.. كما أتطلع لاعتماده
من نواب الشعب كى نرفع عن كاهل الأسرة المصرية هواجس القلق من المستقبل
والتخوف من أن يطيح المرض ونفقات العلاج بمدخراتها.. فينتقل بها من حياة
كريمة إلى الحاجة والفقر.. إن هذا هو ما يتطلع إليه الشعب.. وأكلف به
الحكومة.. وهذا ما أتطلع للعمل من أجله مع البرلمان.
- الإخوة والأخوات..
وفضلا عن أولوليات تحركنا الاقتصادى والاجتماعى.. فإننا نسعى خلال المرحلة
المقبلة لتحرك مواز لتوسيع تطبيق اللامركزية.. وتدعيم المشاركة الشعبية على
كافة المستويات.. لقد أصبح تبنى هذا المنهج ضرورة فى عالم اليوم من أجل
تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد المحدودة المتاحة.. ولضمان تلبية احتياجات
المواطنين وفقا لأولوياتهم.. وتحسين جودة الخدمات العامة.. من خلال الرقابة
المجتمعية.
"وتحقيقا لهذا الهدف.. فسوف أحيل إلى الدورة الحالية.. مشروع قانون لتطوير
الإطار الشتريعى الحاكم للإدارة المحلية.. يعزز دور مؤسساتها.. ويستكمل نقل
الصلاحيات إليها.. يعيد تحديد وتوزيع الاختصاصات على المستوى المحلى..
ويستحدث اختصاصات جديدة.. يعزز من آليات المساءلة المحلية.. ويسمح بتمكين
المستوى المحلى ماليا.. وتوزيع موارد الدولة وفقا لتوزيع المسئوليات بين
المستويين المركزى والمحلى.. وإننى أتطلع لاعتماد مشروع هذا القانون خلال
الدورة الحالية للبرلمان.
- الإخوة والأخوات..
سيظل أمن إمدادات الطاقة.. عنصرا أساسيا فى بناء مستقبل الوطن.. وجزءا لا
يتجزأ من أمن مصر القومى.. لقد أطلقت برنامجا قوميا للاستخدامات السلمية
للطاقة النووية.. أصبح جزءا من إستراتيجية مصر الشاملة للطاقة.. وركنا مهما
من سياساتنا لتنويع مصادرها وتأمين إمداداتها.. ولقد استكملنا خلال الفصل
التشريعى التاسع الإطار القانونى لهذا البرنامج الإستراتيجى المهم.. كما
استكملنا الترتيبات المؤسسية والهيكلية للبرنامج على المستوى التنفيذى.
"إننى أتابع.. أولا بأول.. خطوات تنفيذ البرنامج مع المجلس الأعلى
للاستخدامات السلمية للطاقة النووية، كما أتابع ما أجريناه - ونجريه - من
اتصالات.. بالوكالة الدولية للطاقة الذرية.. والعديد من شركائنا الدوليين.
وأقول.. بالكثير من مشاعر الزهو الوطنى إننا انتهينا من الدراسات الفنية
لبناء أربع محطات نووية لتوليد الكهرباء.. وسنطرح فى غضون أسابيع قليلة
مناقصة بناء المحطة الأولى بمنطقة (الضبعة)، كما أقول لكم ولأبناء الشعب،
"إننا ماضون فى تنفيذ هذا البرنامج دون تردد متمسكين بحقوقنا الثابتة وفق
معاهدة منع الانتشار متطلعين للعمل مع كل من يحقق مصالحنا بأعلى مستويات
التكنولوجيا النووية والأمان النووى ودون مشروطيات تتجاوز التزاماتنا
بمقتضى هذه المعاهدة.
"كما سيظل توفير احتياجاتنا من المياه.. والحفاظ على مواردنا من مياه
النيل.. مكونا رئيسيا فى رؤيتنا للمستقبل.. والحفاظ على أمن مصر القومى ..
نوليه الأهمية القصوى فى سياساتنا الداخلية والخارجية، نواصل الحوار
والتنسيق مع دول حوض النيل .. لتحقيق المنافع المتبادلة لكافة دول
الحوض..ونعزز التعاون معها..والمساهمة فى تنفيذ مشروعاتها من أجل التنمية..
وتقديم مساعداتنا الفنية فى المجالات ذات الأولوية لديها.
"وفى ذات السياق.. فإن علينا أن ندرك أن تلبية الطلب المتزايد على المياه
إنما يتطلب منا جميعا تحمل مسئوليتنا فى ترشيد استخداماتنا للمياه بالمزيد
من تطوير سياسات الرى والزراعة وتعظيم الاستفادة من كافة موارد المياه
المتاحة بما فى ذلك المياه الجوفية، وتحقيقا لهذا الهدف سوف يكون أمامكم
مشروع قانون يتناول حماية وتعزيز استخدامات المياه الجوفية.. ويضمن الحفاظ
عليها وعدم إساءة استخدامها.
- الإخوة والأخوات..
إن هذه الأجندة التشريعية الحافلة تستمد طموحها من طموحات المرحلة المقبلة
.. بما تستهدفه من غايات وأولويات وبما تنطوى عليه من مصاعب وتحديات فى
الداخل والخارج .. إن أمامنا الكثير من العمل الشاق تحت قبة البرلمان
وخارجه .. لا وقت لدينا لنضيعه..فكلنا مدينون لهذا الوطن وهذا الشعب وعلينا
جميعا أن نقتحم مشاكله وأن نحقق آماله وتطلعاته.
نعلم تماما ما يحيط بنا من صعاب ومخاطر وتحديات.. فى منطقتنا والعالم من
حولنا .. ندرك أننا لا نزال فى مواجهة مع قوى التطرف والإرهاب.. نواجه
محاولات للتدخل فى شئوننا .. ومحاولات لفتح جبهات جديدة لممارسة الضغوط
علينا تارة بما يستهدف الوحدة الوطنية بين المسلمين والأقباط .. وتارة
بمخططات للوقيعة مع أشقائنا بدول حوض النيل.
إن تعاملنا مع قضايا السياسة الخارجية والأمن القومى .. تحكمه الصراحة
والوضوح .. ما نقوله فى العلن هو ما نقوله وراء الأبواب المغلقة .. لا نفرط
أبدا فى سيادتنا أو استقلال إرادتنا .. ولا نقبل مشروطيات أو إملاءات ..
لا نغفل للحظة عن أمن مصر القومى وأمان مواطنيها .. ونتعامل مع محاور الأمن
القومى بكافة أبعاده .. كقضية حياة ووجود ومصير .. نمد يد الصداقة
والتعاون لشركائنا حول العالم .. ولا نسمح لأحد بزعزعة استقرارنا .. أو صرف
انتباهنا عن قضايا الداخل المصرى .. وتطلعات المصريين.
"نعى مخاطر المأزق الراهن للقضية الفلسطينية .. وقضية السلام .. ونحذر من
تداعيات تعنت ومواقف وسياسات إسرائيل على استقرار الشرق الأوسط والعالم..
إننى أقول بعبارات صريحة وواضحة إن التحرك الدولى لا يرقى - حتى الآن -
لجسامة هذه التداعيات والمخاطر .. وإن على كافة الأطراف أن تتحمل
مسئوليتها.
أقول أن على إسرائيل أن تتحمل مسئولية توقف المفاوضات وعليها أن تعلم أن
أمن شعبها يحققه السلام وليس السلاح أو الاحتلال.. أقول إن على الولايات
المتحدة وباقى أطراف الرباعية الدولية أن تتحمل مسئوليتها على نحو جاد
وفعال للخروج من المأزق الراهن.
"وأقول إن مصر ماضية فى تحمل مسئوليتها تجاه القضية الفلسطينية وقضية
السلام .. سوف نواصل ذلك بعزم والتزام لا رجعة فيه من أجل سلام عادل يحقق
الأمن للجميع ، ينهى معاناة الشعب الفلسطينى.. ويقيم الدولة الفلسطينية
المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية بمسجدها الأقصى وحرمه الشريف.
"نبذل أقصى الجهد للحفاظ على استقرار السودان .. والعراق .. ولبنان ..
واليمن .. نعمل من أجل أمن وسلام منطقتنا العربية .. ومن أجل عمل عربى
مشترك .. يحفظ هوية العرب .. يتصدى لمحاولات الهيمنة وبسط النفوذ..ويدافع
عن مصالح وقضايا
شعوبنا..نواصل السعى لتعزيز التعاون العربى فى مجالات الاقتصاد والتجارة
والاستثمار .. ونستضيف الشهر المقبل فى شرم الشيخ القمة العربية الاقتصادية
والتنموية الثانية لنبنى على ما حققته القمة الأولى العام الماضى بدولة
الكويت الشقيقة.
- الإخوة والأخوات..
إن ما تحقق خلال السنوات الماضية .. يؤكد أننا على الطريق الصحيح .. إلا أن
تركيزنا واهتمامنا يظل منصبا على المستقبل بتحدياته وهمومه وآماله
وتطلعاته .. كى نستكمل ما بدأناه .. ونبنى على ما حققناه .. ولننطلق
انطلاقة جديدة نحو المستقبل.
إن ما حققناه معا - على أهميته - يظل نتاجه الأهم .. ما أرسيناه من إطار
دستوى وتشريعى..حديث ومتطور .. يتيح لنا تحقيق نقلة نوعية .. اقتصاديا
واجتماعيا وسياسيا .. إن تحقيق هذه النقلة النوعية هو مسئوليتنا
جميعا..وسيكون لمجلسكم الموقر دور مهم فى دفعها وتفعيلها .. انطلاقا من
الأجندة التشريعية التى استعرضت أهم معالمها خلال الدورة الحالية.
"سوف نحقق المجتمع المصرى الذى نتطلع إليه.. ويتطلع إليه أبناء الشعب..نعرف
طريقنا إليه..وقطعنا عليه شوطا طويلا .. سوف نمضى على هذا الطريق باطمئنان
وعزم ويقين .. نقطع عليه أشواطا جديدة لنرسخ دعائم مصر القوية الآمنة ..
والدولة المدنية الحديثة والمتطورة ..يضمن ثبات مسيرتنا الدستور والقانون
والمؤسسات.
ويدفع خطواتنا شعب عريق .. لا يلقى بالا للمشككين .. يحلم بالمستقبل الأفضل
.. ويسعى إليه .. ويجتهد من أجله.
أتمنى لكم دورة برلمانية ناجحة .. وفصلا تشريعيا مثمرا.. وفقنا الله وسدد
خطانا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..