فى حى شعبى فقير وداخل بيت بدت على جدرانه معالم التهالك، خيم حزن من نوع
خاص وصمت يشوبه قلق من المجهول ورؤوس مرفوعة ومرددة جملة واحدة "ولا تحسبن
الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون"، كان هذا هو
المشهد المسيطر على منطقة عزبة سلام بالمعصرة الذى استيقظ أهلها اليوم على
خبر استشهاد الجندى "طه محمد إبراهيم، برصاص صهيونى غادر تاركا والدا مريضا
ووالده لا تجد شيئا تفعله سوى حمد ربها ليذكرنا جميعا بقصة سئمنا من
تكرارها وسؤالا طالما طرحناه، متى سيتوقف نزيف دم جنودنا على الحدود؟.
شيعت مراسم دفن جثمان الشهيد "طه" من منطقة عرب سلام بالمعصرة حلوان فى
جنازة عسكرية مهيبة تقدمها اللواء محسن مراد، مدير أمن القاهرة، بالإنابة
عن اللواء منصور العيسوى، وزير الداخلية، والنائب السابق مصطفى بكرى وعدد
من قيادات الإخوان المسلمين.
بدأت الجنازة بالصلاة على الجثمان فى مسجد عمر بن الخطاب بمنطقة عزبة سلام
بحضور ما يقرب من 5 آلاف من أهالى وأقارب الشهيد فى مشهد مهيب تعالت فيه
صرخات والدته وشقيقه الذى أصيب بالإغماء أكثر من مرة أثناء دفنه.
وندد أهالى وأقارب الشهيد بالعمل الذى ارتكبته القوات الإسرائيلية مؤكدين
أن دم المصرى لن يكون رخيصا كما كان فى العصر السابق مطالبين بأخذ حق
الشهيد من إسرائيل وهتفوا مرددين "لا الله إلا الله والشهيد حبيب الله"
و"خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود" لا إله إلا الله والصهاينة عدو
الله" وأحرقوا العلم الإسرائيلى أثناء دفن جثمان الشهيد.
والدة الشهيد لم تتمالك دموعها وهى تقول "عرفت باستشهاد طه عندما كنت أصلى
الظهر بالمسجد وفوجئت بالإمام ينادى اسم طه من أسماء الشهداء".
وتتابع "احتسبت ابنى شهيدا وفوضت أمرى إلى الله هو اللى هياخد له حقه من
الى قتلوه"، وقالت إن طه الذى لم تره منذ الثامن من رمضان أصر فى آخر مره
رأته فيها على تجميع كافة أشقائه للإفطار معهم "مشيرة إلى أن زياراته التى
كانت تتكرر كل شهر تقريبا، كان دوما يحضر فيها علاجا لها وأطعمة للأسرة من
سيناء".
والدة طه لديها 7 أبناء "خمسة بنات وولدين" توفى أحدهما العام الماضى غريقا
فى البحر ومع ذلك تماسكت وهى تقول "الحمد لله دا امتحان من ربنا ليا أنا
احتسبتهم عند الله وربنا يصبرنى".
"كان طه معروفا بحسن خلقه واقترابه من الله"هكذا قالت إحدى جيرانه وأضافت
"كان دائما الذهاب للمسجد ومعروف بحسن خلقه واحترام لجميع أفراد منطقته،
ولم تتمالك نفسها وصرخت" دم المسلم يساوى 100 يهودى وحق طه مش هيضيع".
شقيقة طه الصغرى التى كانت تردد كلمة واحدة أمام المسجد "حسبى الله ونعم
الوكيل" قالت "على المسئولين الانتباه للحوادث التى تتكرر يوميا على الحدود
ويموت فيها شبابنا دون ذنب"، مضيفة "أتمنى ألا يتكرر ما حدث مع غيره من
الجنود".
كان المجند استشهد على الحدود المصرية الإسرائيلية فى أحداث مساء أمس،
أثناء مطاردة القوات الإسرائيلية للعناصر التى نفذت هجمات مدينة إيلات
وتسبب إطلاق النيران فى استشهاد النقيب "أحمد جلال محمد" وكل من المجندين
"أسامة جلال" و"طه محمد إبراهيم" و"أحمد محمد أبو عيسى" و"عماد عبد
الملاك".