أقام الصالون الثقافى بقصر الأمير طاز أمس ندوة بعنوان "مستقبل الكوميديا بين "زهايمر" عادل إمام و"بلبل حيران" أحمد حلمى أدارتها الكاتبة الصحفية سوسن الدويك بحضور الناقد السينمائى رفيق الصبان والناقدة خيرية البشلاوى ليتناقشا حول مدى المنافسة فى الكوميديا بين جيل يمثله عادل إمام وجيل يمثله أحمد حلمى.
فى البداية أكد رفيق الصبان، أن أحمد حلمى استمد أهميته من خلال البطولة المنفردة بعد أن قدم أدوارا مساعدة مع نجوم الكوميديا أمثال محمد سعد والراحل علاء ولى الدين ومحمد فؤاد، ولذلك كان صعوده لدور البطولة أمرا طبيعيا جدا وقدم كوميديا طازجة واعتمد على الموقف الكوميدى وابتعد عن الإفيهات المبتذلة واختار موضوعات مهمة وضعته على قمة نجوم السينما، وسانده النقاد لأنه قدم الكوميديا الجيدة من خلال سيناريو متميز وأداء يبعد عن المبالغة إلا أنه خلال الموسمين الأخيرين بدأت أسهمه تتراجع لدى النقاد، حيث تخلى عما كان يميزه من كوميديا راقية نابعة من الموقف والموضوع، وجنح إلى الإفيهات الجنسية واللفظية المبتذلة التى قد تضحك ولكنها فى نفس الوقت تسىء للتاريخ الذى صنعه لنفسه وأحبه جمهوره من خلاله ونال بسببه استحسان النقاد.
وأضاف الصبان: أما عادل إمام فقد أساء لتاريخه فى الفيلم قبل الأخير "بوبوس" وأساء لكافة العاملين معه من خلال كوميديا جنسية فجة، لكنه استفاد من النقد الذى وجه له وتعامل مع سيناريست "نادر صلاح الدين" الذى استطاع أن يكتب له سيناريو جيدا نجح من خلاله فى كسب واستعادة ثقة النقاد والجمهور بعكس حلمى الذى خسر النقاد وكسب الجمهور.
واختلفت الناقدة خيرية البشلاوى مع الصبان فى موقفه من فيلم عادل إمام فهى ترى أن الفيلم يمثل خطوة نحو الجدية فى الجزء الأول فقط، لكن النصف الثانى من الفيلم، على حد قولها، عبارة عن " نمر" هزلية وعاد عادل إمام يسعى إلى البحث عن الصيغة التجارية السهلة لإضحاك الجمهور واعتمد على الإفيهات والدليل هو المشهد المبالغ فيه وهو يقوم بمهمة "حموم" أولاده فهذا المشهد ليس إلا نمرة هزلية وهناك أيضا مشهد الملاكمة. وأشادت البشلاوى بمشهد جمع عادل إمام وسعيد صالح ووصفته بالمهم فى الفيلم سواء لسعيد أو لعادل.
وهنا طرحت الكاتبة سوسن الدويك سؤالا حول الخط الفاصل بين الكوميديا والهزل؟ وأجابت الناقدة خيرية البشلاوى قائلة: السيناريو الجيد الذى يتم كتابته من خلال موقف ويعالج بشكل مقنع وبعيد عن المبالغة الساذجة هو الأساس فى نجاح الفيلم الكوميدى، بالإضافة لخفة ظل الممثل وأدائه وعدم نرجسيته فى الاستحواذ على الكوميديا بمفرده، كل ذلك يصنع فيلما كوميديا جيدا لكن الاعتماد على الإفيهات والنمر لا يصنع فيلما كوميديا.
ووجهت الكاتبة سوسن الدويك سؤالا حول الفروق بين جيل عادل إمام وجيل أحمد حلمى فى تقديم الكوميديا؟
فاجاب الصبان: الكوميديا دائما فى كل بلدان العالم تمر بمراحل تطور وتجدد فى الشكل والأسلوب والأفكار والنجوم لكننا فى مصر لدينا الثبات والخلود وهذا لا يعطى مجالا لخروج أجيال جديدة وأفكار جديدة، وأشار الصبان إلى أن مصطلح كوميديا الشباب أو النجوم الشباب فى السينما مضحك لأن هؤلاء الشباب كل نجم فيهم تجاوز الأربعين وبعضهم وصل للخمسين من عمره فأين الشباب.
كما طرحت سوسن الدويك سؤالا للناقدة خيرية البشلاوى حول "هل لابد للفيلم الكوميدى أن يحمل قضية ليكون ناجحا أم يكون الضحك لمجرد الضحك؟" واستشهدت بالنجم أحمد حلمى الذى كان يقدم موضوعات وقضايا مهمة من خلال الكوميدى لكنه فى "بلبل حيران" اعتمد على الإفيهات الجنسية وابتعد عن الموضوع.
هنا أكدت خيرية البشلاوى أن الضحك مطلب ولكن المشكلة ليست فى الضحك بل فى أسلوب صياغة الضحك، ففى أفلام فترة الخمسينيات كانت هناك أفلام كوميدية ونجوم كوميديا مثل إسماعيل ياسين وزينات صدقى وعبد السلام النابلسى وحسن فايق وغيرهم وكانوا يقدمون كوميديا راقية تتفق مع عاداتنا وتقاليدنا لكن هذه الأيام هناك نوع من الضحك الرخيص وانهارت القيم أمام الكوميديا وأصبحنا نسخر من الأم ونعتبر ذلك كوميديا مثلما فعل محمد سعد فى اللمبى.
فتحت الكاتبة سوسن الدويك باب التساؤلات لدى الجمهور وتلخصت أسئلة الحضور حول من الذى مالت كفته فى تقديم الكوميديا جيل عادل إمام أم جيل أحمد حلمى وأسئلة أخرى حول أسباب إخفاق أحمد حلمى فى فيلمه الأخير نقديا ونجاحه جماهيريا وتحقيقه إيرادات؟
وأوضح رفيق الصبان أن فيلم حلمى مبنى من بدايته على عدم منطقية، إضافة لاعتماده على الإفيهات الجنسية التى تضحك فى وقتها لكنها بعد انتهاء الفيلم لا تبقى، لكنه أكد أن حلمى ممثل ذكى، وسوف يستوعب النقد الموجه له ويصحح مساره فى الفيلم القادم، كما أن عادل أمام من النجوم الأذكياء الذين لديهم قدرة على العطاء بغض النظر عن السن، فالمعيار الوحيد هو إحساس النجم بالنبض الشعبى لأن السينما تعبر عن آمال الناس وإحساس النجم بجمهوره يجعله دائما على القمة.